السكر واعتلال الكلى

السكر واعتلال الكلى (Diabetic Nephropathy):

يعتبر السكر من أهم العوامل المسببة للفشل الكلوي النهائي، حيث أن حوالي 20 - 40% من مرضى السكر بنوعيه الأول والثاني قد ينتج لديهم اعتلال الكلي السكري مع مرور الوقت.

لماذا يؤثر السكر على الكلى؟

إن الكليتين تعملان كمصفاة مكونة من مجموعة من وحدات التصفية التي تصفي الدم من السموم والفضلات، فيدخل الدم إلى الكليتين عبر أوعية دموية صغيرة تسمى بالأنابيب الشعرية،

فإذا كنت مصاباً باعتلال الكلى السكري فان هذه الأنابيب قد تصاب بالانسداد، وبذلك لا يتم تصفية الدم بشكل صحيح وتصبح راشحة فتنفذ منها البروتينات والمواد الغذائية التي يجب أن تبقى بالدم، لكنها تذهب إلى البول مما ينتج عنه الزلال البولي المجهري الذي قد يتدرج إلى مرحلة الفشل الكلوي النهائي.

تضرر الكلى بالسكر لا يظهر إلا بعد مرور وقت طويل من الإصابة

بالسكر في غالب الأحيان خاصة في مرضى النوع الأول (حوالي 10 - 15 سنة من الإصابة)، حيث أن الكلى تعمل بجهد ووقت مضاعفين للتخلص من جميع السموم من الدم ولكن كلما مر الوقت كلما زاد تضرر الكلى حتى تصبح غير قادرة على تحمل العبء، ونتيجة لذلك تبدأ أولى أعراض الفشل بالظهور، ومن حسن الحظ هناك فحوصات يمكن إجراؤها لاكتشاف المرض في مراحله الأولى.

إن بعض الدراسات قد بينت أن اكتشاف الزلال البولي المجهري -بالإضافة لكونه العلامة المبكرة لاعتلال الكلى السكري- فهو أيضاً علامة كبيرة قد تدل على احتمال اصطحاب المرض لآثار في

القلب والأوعية الدموية، لذلك إذا أكتشف وجود زلال بولي مجهري في البول، وهذا يحثنا على عمل فحص شامل للقلب والأوعية الدموية والعمل على معالجة جميع العوامل المساعدة لظهور أمراض القلب المصاحبة مثل تخفيض مستوى الدهون في الدم، إيقاف التدخين، تخفيض ضغط الدم المرتفع.

هناك أيضا دراسة بينت أن تخفيض مستوى الكوليسترول في الدم قد يؤدي إلى تخفيض مستوى الزلال في البول والسيطرة على مضاعفات السكر للكلى.

 

ما هي العلامة المبكرة لاعتلال الكلي؟

العلامة المبكرة لاعتلال الكلى السكري هو ظهور كمية بسيطة ولكن غير طبيعية من الزلال (البروتين) في البول بما يسمى الزلال البولي المجهري (microalbuminuria)، وتقدر كمية الزلال في البول في هذه الحالة بأكثر من 30 مجم في ال 24 ساعة (وتعتبر علامة لزيادة فرصة الإصابة بمشاكل القلب والأوعية الدموية).

وفي هذه الحالة إذا لم يتم التدخل العلاجي السريع فان 80% من مرضى السكر سيزيد لديهم معدل الزلال البولي إلى إن يصل المصاب إلى مرحلة الاعتلال الكلى السكري؛ حيث يزيد كمية الزلال في البول إلى أكثر من 300 مجم في ال 24 ساعة بما يسمى المتلازمة الكلوية، ومنها إلى القصور الكلوي وترتفع الأملاح في الدم مثل حمض البولينا ومادة الكرياتينين ونسبة البوتاسيوم، ويرتفع ضغط الدم ويصعب تنظيمه وبذلك يصل إلى مرحلة الفشل الكلوي النهائي، ويشعر المريض بالضعف والهزال ونقص الشهية وتورم في القدمين.

 

كيف يتم الكشف عن الزلال البولي المجهري؟ ومتى يجب الكشف عنه؟

بمجرد اكتشاف مرض السكر النوع الثاني فإنه يجب فحص البول لوجود الزلال البولي المجهري، أما النوع الأول من مرض السكر -وهو النوع الذي يظهر عادة في الأطفال قبل سن البلوغ- فإنه يتم فحص البول للزلال بعد التشخيص بخمس سنوات.

وهذا الفحص البولي يجب أن يتكرر مرة سنوياً، والطريقة الصحيحة لتجميع البول لفحصه من أجل الزلال يفضل أن تكون عند أول بول في الصباح نتيجة لاختلاف كمية الزلال في البول على مدار اليوم، وإذا تم اكتشاف زلال البول لأول مرة يفضل على الأقل تجميع البول وفحصه على فترتين خلال 3 - 6 أشهر للتشخيص النهائي للمريض على أنه يعاني من الزلال البولي المجهري كمرحلة أولى لإصابة الكلى بالضرر من السكر، ويجب أيضا عند اكتشافه القيام بعمل فحص مخبري لوظائف الكلى وقياس مستوى الكولستيرول بالدم.

 

من هم الأشخاص المعرضون للإصابة باعتلال الكلى؟

1-    الاستعداد الوراثي لدى المريض.

2-   طول مدة الإصابة بمرض السكر.

3- مستوى التحكم بمستوى السكر في الدم: فنسبة الإصابة باعتلال الكلى تزداد مع سوء التحكم بمستوى السكر في الدم.

4-  إصابة المريض بارتفاع ضغط الدم.

5-  ارتفاع نسبة الكولستيرول في الدم.

6-  التدخين.

 

ما هي طرق الوقاية؟

·       إن الخطوة الأساسية للوقاية من تضرر الكلية من مرض السكر هو السيطرة على مستوى سكر الدم، بحيث يكون وقت الصيام أو قبل الطعام بمستوى بين 90 - 130 ملجم/دسل وبعد الأكل بساعتين يكون أقل من 180 ملجم/دسل، ثم المتابعة الدورية المنتظمة عند طبيب الرعاية الصحية الأولية، وذلك لاكتشاف المضاعفات فور حدوثها وبذلك يمكن التحكم بها وعلاجها بسهولة.

·       السيطرة على ضغط الدم المرتفع فيجب على مريض السكر أن يكون ضغط دمه أقل من 75/125، فإذا كان ضغط الدم أعلى من ذلك فانه سوف يسرع من الإضرار بالكلى.

·       الالتزام بالأكل الصحي قليل الدهون والبروتينات والتقليل من استهلاك ملح الطعام.

·       مراجعة الطبيب عند الإصابة بأعراض التهابات البول، مثل:

1.      ألم وصعوبة في البول.

2.     الحاجة المتكررة للتبول.

3.   تغير لون البول.

4.     ارتفاع درجة الحرارة.

·       وأخيراً يجب الفحص الدوري السنوي للزلال البولي المجهري لاكتشافه مبكراً وعلاجه.

 

ما هو العلاج؟

يمكن لمريض السكر المصاب باعتلال الكلى الاستفادة من العلاج عند اكتشاف المرض مبكراً، وأهم خطوة في العلاج هي التحكم الجيد بمستوى السكر في الدم.

كما ذكرنا فان ظهور الزلال البولي يدل على أن هناك تغييرات تحدث في الأوعية الدموية التي تقوم بتصفية الدم والتخلص من الفضلات ومنها ارتفاع ضغط الدم في هذه الأوعية، فالخطوة الثانية تكون بالتحكم الجيد بضغط الدم عن طريق العلاج الموصف هو مثبط إنزيم أنجيوتنسين كونفيرتينج (ACE Inhibitor)، والذي يستخدم عادة في علاج ضغط الدم المرتفع ويقوم بتخفيض ضغط الدم من خلال إيقاف الإنزيمات التي تضيق الأوعية الدموية، ومثال لهذه العقاقير (الكابوتين، الرينيتيك).

فعندما يخفض ضغط الدم في هذه الأوعية يقل تضرر الكلى فبتالي تقل كمية البروتينات التي تترشح من الدم إلى البول إلى حد كبير.

الخطوة الأخرى في العلاج هي التقليل من الملح (الصوديوم والفوسفات)، وأخيراً التقليل من البروتينات الحيوانية مثل اللحوم وغيرها بنسبة 0.6 جم/كجم/يوم ولكن يجب أن يكون تحت نظام غذائي صحي بإشراف أخصائي تغذية؛ حتى لا يحصل وهن وضعف في العضلات.

 

ما هي طرق علاج المراحل المتقدمة من الفشل الكلوي السكري؟

أولا: الغسيل الكلوي:

الغسيل الكلوي هو حل مؤقت لمرضى الفشل الكلوي، ويساعد على تخليص الجسم من الفضلات التي تعجز الكلى عن تصفيتها وتخليص الدم منها.

وهناك نوعان من الغسيل الكلوي:

1-    الغسيل الكلوي البريتوني:

يعتقد أن الغسيل البريتوني هو أفضل من الغسيل الدموي بالنسبة لمرضى السكر وذلك لتأثر الأوعية الدموية التي تستعمل للغسيل الدموي بمضاعفات السكر، ويتم في هذا النوع تركيب قسطرة دائمة في جدار البطن تصل إلى داخل الغشاء البريتوني (عبارة عن غشاء رقيق يبطن الفراغ داخل البطن)، ويتصل بهذه القسطرة كيس ممتلئ بمحلول كيميائي منظف وكيس آخر فارغ، ويدخل المحلول المنظف داخل الفراغ البريتوني ويترك لفترة معينة يتم فيها تنقية الدم في الشعيرات الدموية من الفضلات بالتبادل مع السائل المنظف عن طريق الغشاء البريتوني، ويتم بعدها سحب السائل المليء بالفضلات إلى الكيس الفارغ الذي يتم التخلص منه فيما بعد. عادة يحتاج المريض لإعادة العملية من 3- 5 مرات يومياً.

يتميز هذا النوع بأنه لا يعوق المريض عن أعماله وارتباطه، كما أنه يجنب المريض الانخفاض المفاجئ في ضغط الدم.

إن أكبر مشكلة تواجه هذا النوع من الغسيل هي التعرض للالتهابات المتكررة ولذلك لا بد من الاهتمام بالنظافة الشخصية وبالتعقيم في كل مرة.

2-  الغسيل الكلوي الدموي:

يتم باستعمال كلية صناعية (جهاز يعمل على تنقية الدم من الفضلات) تساعد مريض الفشل الكلوي على التخلص من المواد الضارة الناتجة عن هضم المواد البروتينية. ولعمل هذا النوع يجب إحداث توصيلة تحت الجلد في الذراع بين الشريان والوريد يمكن أن يسحب الدم من خلالها ليدخل إلى الجهاز بواسطة توصيلات بلاستيكية، وهناك تتم تنقية الدم وتخليصه من الفضلات، ومن المشكلات التي من الممكن أن يتعرض لها المريض خلال عملية الغسيل الدموي: انخفاض أو ارتفاع ضغط الدم، وغثيان أو قيء أثناء الغسيل، وفقر الدم أو هشاشة العظام.

يجب إجراء عملية الغسيل الدموي مرة كل يومين أي ثلاث مرات أسبوعياً تستمر كل مرة حوالي 5 ساعات.

ثانياً: زراعة ونقل الكلية:

تعتبر زراعة الكلى أملاً كبيراً بالنسبة لمريض السكر المصاب بالفشل الكلوي، ولنجاح هذه الزراعة يفضل أخذ الكلية المناسبة للمريض من أحد أقاربه أو بمساعدة المستشفى، ويلزم إجراء بعض الفحوصات الطبية للتأكد من عدم رفض الجسم للكلية الجديدة.

بعد إجراء عملية زرع الكلية يصف الأطباء للمريض أدوية لتثبيط المناعة تقلل من احتمال رفض الكلية، ويتوجب على المريض أن يستعملها بانتظام وباستمرار.

ولهذه الأدوية آثار جانبية كثيرة أهمها تعريض المريض للإصابة بالأمراض المختلفة بسبب نقص المناعة الناتجة عن استخدام الأدوية، كما أنه يمكن أن يحصل رفض للكلية المزروعة على الرغم من استخدام الأدوية المثبطة للمناعة بالطريقة الصحيحة.

ولذلك يجب على المريض الالتزام بما كان يفعله قبل الزراعة للتحكم بمستوى السكر في الدم، كما أن الكلية المزروعة يمكن أن تصاب مرة أخرى بمضاعفات السكر.

 

قد يعجبك أيضا

article

العلاج الدوائي لمرض السكر

article

article

حساب وتعديل جرعة الإنسولين

article

مرض السكر ومشاكل المعدة

article

مرض السكر والعناية بالقدمين

السابق التالى

قم بالتحميل الأن لتسطيع التحكم فى مرض السكرى